بعلمي ارتقي
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على
أشرف الخلق والمرسلين ,نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ,وبعد :
قال تعالى : (اقرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الذِي خَلقَ
(1) خَلقَ الإِنسَانَ منْ عَلقٍ (2) اقرَأْ وَرَبُّكَ الأكرَمُ (3) الذِي عَلمَ
بالْقَلَمِ (4) عَلمَ الإِنْسَانَ ما لمْ يَعْلمْ) ,بدأت خطابي بسوره من كتاب الله
, وبقول من الله , ومن أصدق من الله قيلا ؟! سبحانه جل في علاه الحكيم العليم ,
فاول سوره نزلت على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم ) هي الآيات الخمس الاولى من
سوره العلق ,وأول كلمه كانت أقرأ , وهي أمر ودعوة ووظيفة إلاهية وجهت له (عليه
الصلاه السلام) ومن ثم للناس كافه ,وقيل
أن أول ما خلق الله هو القلم , لقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : (إنَّ
أوَّلَ ما خَلقَ اللهُ القَلمَ قالَ له: اكتبْ، قال: ما أكْتبْ ؟ قالَ: اكتبْ
القدَرَ، ما كان، وما هو كائنٌ إِلى الأبد).
القراءه والكتابه والقلم , ثلاثتهما متطلبات اساسيه للعلم ,و,يُعد العلم من أكثر المجالات ذكراً في القرآن الكريم. فقد ورد لفظه ومشتقاته
(عَليم، علمتم، عالم، علماء، نعلم ... إلخ) ثمانمائة وستاً وخمسين مرة, وهناك
اربعون حديث في العلم - والله اعلم.
ومن الآيات التي ذكر فيها العلم والمتعلم والعالم
وفضلهم الكثير ومنها ما تردد على مسامعنا منذ الصغر ونحفظها عن ظهر قلب وننرددها
في كل مجلس علم او ندوه او لقاء او تكريم
,,, الخ, منها قوله تعالى (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ
وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلبَاَبْ) , وقوله :
(يرفعِ الله الَّذين آمنوا منكم والَّذين أوتوا العِلمَ درجاتٍ), وقوله ( وقل ربي
زدني علما ) , وقوله (ن ,والقلمِ وما يَسْطُرون) وغيرها الكثير .
اما في سنه نبيه المصطفى اشرف الخلق والمرسلين
(سيدنا محمد عليه الصلاه واتم التسليم ) هنالك الكثير ايضا ومنها قوله (عليه
الصلاه والسلام) : (العلم فريضه على كل
مسلم )وحديث آخر) من سلك طريقا يلتمس فيه علما
، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا
بما يصنع ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في
الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة
الأنبياء وان الانبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما إنما ورثوا العلم ، فمن أخذه
أخذ بحظ وافر " (.
وما هذا سوى فيض من غيض ,ولكني سأكتفي بهذه
الآيات والاحاديث لتشهد على اهتمام الاسلام بالعلم ومكانته عندها ,فيا لها من
مكانه عريقه وساميه ,وكل ما زاد علم الانسان أدرك قيمه الحياه والغايه من خلقه
بالعباده والخلافه ويزيد من معرفته لخالقه وخشيته له , فهو يعلم بأن الله ميزه عن
كافه المخلوقات بالعقل ودعاه للتفكر والتأمل في هذه الحياه والسعي الى المعرفه
سواء بأمور دينهِ أو دنياه ,وبذلك ينمو العقل وينشرح الصدر ويلين القلب وتطمئن النفس
وتسكن بمعرفه الله ومعرفه حياته و حقائق هذا الكون وما فيه حق المعرفه , ويكفينا
فخراً ان طريق العلم نور والسائر فيه تسير معه الملائكه تدعو الله بأن يرضا عنه
وهذا ليس كل شيء فطالب العلم يشغل وقته بما يرضي الله وما يحبه , ويوم القيامه
حينما يُسأل عن عمره فيما أفناه تكون الاجابه بانه قضى وقته ساعيا للمعرفه وطالبا
للعلم والتعلم لينفع نفسه اولا وأمته ثانياً , وحينما تكون غايه المتعلم ونيته
لوجه الله خالصه والالتزام بأوامره ويريد ان تكون له المنزله العاليه والرفيعه عند
الله وينال به الدرجات العلى يوفقه الله ويكون معه في كل خطوه ولن يصعب عليه شيء
,بعكس من يطلب العلم للحصول على المكانه في الدنيا ورياء امام الناس ويعتبره مصدرا
لكسب الاموال فقط وشهاده يتباهى بها ,
عذرا لن أدرج هذا تحت مسمى ( طلب العلم ) لان غايته ليست نبيله ,فلا خير بعلم لا
يورث خشيه الله ,ولا خير بعلم ان لم تحسن به معامله الناس .
ولا تقتصر فوائد العلم على المتعلم نفسه بل
تتجاوز ذلك لينفع به المجتمع الذي ينتمي اليه , لانه حينما تنعكس معرفته وعلمه على
سلوكه ويطبقها في كافه مجلات حياته ,وارتقى بفكره سرنا نحو التقدم والنجاح,فهو
المصباح الذي تحمله في دروب الظلام وهو القوه التي تصد به العقبات التي تواجهها .
فالعمل يسبقه علم والا كان عن جهل وله عواقب وخيمه
وبدلا من ان ينفع يضر , ولا ينبغي على أي احد ان يبادر على عمل شيء الا وعنده علم
مسبق عنه ويكون صحيحا بعيدا عن الظن والتكهن ,فلا بد من وجود المعرفه والبرهان والا
كان عمله غير مجدي وبلا فائدة .
وما قبل الختام , أقول لن أنصف العلم أن حصرت فوائده أو عددتها
ولن أوفي بحقه مهما وصفته لكنها كلمه أخيره أقولها لولا العلم لما حققنا كل هذا
التقدم والتحضر في حياتنا ولم يكن قد وصلنا لما نحن عليه الآن وليس هذا فقط بل
بالرفعة التي نحققها بالدنيا والآخرة.
وبمسك الدعاء اختم (أسأل الله أن يخرجنا من ظلمات الوهم ويكرمنا بنور الفهم
ويفتح علينا بمعرفة العلم، ويحسن أخلاقنا بالحلم ويسهل لنا أبواب فضله وينشر علينا
من خزائن رحمته ,وأسألك يا الله ان تنفعنا بما علمتنا، وتعلمنا ما ينفعنا، وتزدنا
علما .ونعوذ بك من علم لا ينفع ومن شر ما عملنا ومن شر
ما لم نعمل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .
0 التعليقات:
إرسال تعليق